top of page

26—04—2022

والدتي، ألمى ستيبه من عائلة فان إدلسبيرغن / إيتان ستيبه



ثلاثة خيطان. واحد للجرزاية، واحد للثوب، وواحد للجورب. إذا تمزّق واحد منهم، كان يجب تصليحه، لن يكون هناك ثوب آخر.

هذه الخيطان كانت كلّ ما ملكت والدتي، ألمى، عندما أرسلتها والدتها للاختباء من النازيّين. من بين كلّ الأغراض والذكريات، من البيت الضيّق مع البيانو الكبير في أمستردام، من الدفء العائلي وسعادة الطفولة - هذا كلّ ما تبقّى. جدّتي، غرترود، اضطرّت لترتيب الحقيبة في ساعات الليل المتأخرة لابنتها الصغيرة، وتسليمها هي وأخيها لأيادٍ أخرى. هكذا أنقذت حياتهما. بعد فترة وجيزة، قُتِلت هي وجدّي سولومون في أوشفيتس.





أجلس الآن في محطة الفضاء، وأمسك بأصابعي خيوط والدتي، وهي تتطاير بانسياب في الهواء قبالتي. ليته كان بمقدور جدّتي أن تتخيّل هذه اللحظة، حين رتّبت حقيبة ابنتها على عجالة.

والدتي سيدّة مسنّة، وتنتظر عودتي في البلاد. على مدار السنوات، استمعت عدّة مرات لقصتها، هي ووالدي. إذ كانت تبلغ من العمر 14 عامًا فقط عندما احتلّ النازيون بولندا، وبدؤوا في هولندا برؤية اللاجئين اليهود يأتون.

"شعرنا أنّ هناك أمرًا سيّئًا يهدّدنا"، قالت وأضافت[i]، "لم يكن بالإمكان تعريف ما يحدث. خوف فظيع ينتابنا، ويجتاحنا شعور بفقدان الأمل". في شهر نيسان عام 1940، هرب أعمامها إلى الولايات المتحدة، وبعد أسبوع، قرّر أهلها اللحاق بهم. لكن النازيين غزوا هولندا واحتلوها خلال خمسة أيام، وسيطروا على كل مؤسسات الحكم المدني، وهدّدوا اليهود باقتلاعهم من المجتمع الهولندي. صودرت أموالهم وممتلكاتهم، وأهينت كرامتهم. والدتي، في ريعان شبابها آنذاك، رأت كلّ ما اعتادت عليه يتلاشى ويزول. الحريّة تتلاشى وتختفي. حاولت كلّ عائلة إنقاذ القليل ممّا تبقّى لها.


تحدّثت والدتي عن الأجواء الصعبة في البيت. توتّر. خوف. أعصاب مشدودة. خوف من إغماض العينين، فكلّ شيء يحدث بجانب الباب يهدّد الحياة. ها هم، آتون ليأخذونا. ووالدتي، تحاول إخفاء قلقها ببرودة ببرودة أعصابها، "قد حضّرت لي ولأخي مسبقًا حقائب مع كلّ ما يلزمنا، ولي خصّيصًا، كلّ ما تحتاجه الفتاة في جيلي. وضعت في الحقيبة علبة تحتوي على خيطان وأزرار وشريط قياس، وهي ترافقني حتى اليوم"


هكذا، من بيت لآخر، عبر مدن وقرى نائية، تمّ تهريب والدتي حتى انتهاء الحرب. بفضل الأشخاص الطيّبين التي التقتهم في الطريق، نجت. ما يقارب ثُلث من بين 25 ألف "غواصًا"، كما سمّى يهود هولندا كلّ من حظوا بمأوى، تمّ تسليمهم وإعدامهم مع كلّ من وفّر لهم الحماية. نجى قرابة الـ 16 ألف مختبئ منهم. تخيّلوا فقط احتمال النجاة! والمخاطر الهائلة. وكما أفكّر بعائلاتنا التي خُبِّأت - أفكّر بنفس المقدار بمن خبّأهم. أفكّر بالأناس الطيّبين الذين عرّضوا حياتهم للخطر لحماية الآخرين، حتى لو لم يعرفوهم، فقط لأنّهم آمنوا أنّ هذا هو العمل الأخلاقي الذي يتوجّب عليهم فعله.


هذه العلبة هي علاقتي مع جدّتي التي لم ألتقِ بها أبدًا. هذه العلبة، مع الخيطان والأزرار وشريط القياس، أخذتها معي إلى محطة الفضاء. لنتذكّر ولا ننسى أبدًا. بإمكاني أن أغمض عينيّ وأن أرى هذا المشهد النادر: أمّ تودّع ابنتها المراهقة. وتزوّدها بما تراه مهمًا لبقائها ونجاتها. أدوات خياطة. لأنه إذا تمّزّق الثوب، لن يكون هناك ثوب آخر جديد. وتمنحها الأمل. ستذهبين إلى مخبأ، وسنلحق بك. وكلاهما تفضّلان التمسّك بالأمل وعدم التفكير بالاحتمال الآخر.






مشروع "ذاكرة في الصالون"، والذي أفتخر بكوني أحد الشركاء فيه، وُلِد ليوفّر الفرصة لجيل أولادي لينقلوا قصّة أهلنا للأجيال القادمة. الأمر ليس بديهيًا بتاتًا. فمن جيل إلى جيل، تتلاشى الذاكرة. من كان بإمكانهم في الماضي سرد القصّة بكلماتهم، يشيخون ونفقدهم. رسالتنا -الاحتفاظ بقصّتهم ونقلها قدمًا- تصبح أصعب مع مرّ الوقت لكن نحن بالذات، كيهود، أهل الكتاب، نعلم أنّ الطريق الأفضل للاحتفاظ بموروثنا وتراثنا هي من خلال قصّة - وهذه هي المهمة التي نودعها بأيدي أبنائنا. لقاء أصدقائنا، عائلتنا ومجتمعنا، وإعادة سرد القصة التي أتت بنا إلى هنا، بحيث تنتقل إلى الأجيال القادمة. وليس فقط لغرض التوثيق التاريخي - بل من أجل مستقبلهم. فقط إذا أدركنا وتذكّرنا الكارثة المرعبة والفظيعة التي حلّت بنا، والعوامل الاجتماعيّة التي هيّأت لها الفرصة للحدوث، سنتمكّن من تفادي تكرارها - ليس لنا، اليهود، ولا لأيّ أحد آخر في العالم. وفقط إذا تذكّرنا شجاعة أولئك الذين نجّوا، عملوا وحاولوا بذل كلّ ما بوسعهم من أجل الحفاظ على حياة إنسان وعلى كرامتهم - سنتعلّم ونحاول نحن أيضًا أن نكون أفضل.


والدتي ناجية مميّزة من المحرقة. كسائر الناجين، رأت الموت أمام أعينها، ورأت آلة الشرّ البشريّة تدمّر عالمًا بأسره، لكن في طريقها الشاقّة والشائكة حظيت بالمكوث في أحضان أحسن الناس، ممّن عرّضوا حياتهم للخطر من أجل إنقاذ فتاة يهوديّة.

نجحت في الوصول إلى البلاد وتأسيس عائلة وممارسة حياتها بالكامل، وكانت مفعمة التفاؤل والأمل - وحاولت أن تفعل ما هو خير لهذا العالم. وخيوط والدتها تتطاير الآن في الفضاء، مع الحفيد، الذي لم يعد طفلًا - وتسرد قصّتها للأجيال القادمة.


اذهبوا إلى حلقة "ذاكرة في الصالون" الأقرب إلى بيتكم. استمعوا. فكّروا. اسردوا القصّة للآخرين...

مع فائق تقديري، إيتان


[i] موثّق في كتاب "مَشاهد - قصّة ألمى وأهوف ستيبه"، رواية ألمى، كتابة ميخال شاليف (هلبرين)




home page

״אני טס כדי לתרום למדע, לעורר השראה בקרב ילדים, ולקדם סטארט-אפים ישראליים בתחום החלל״ איתן סטיבה, בדרך להיות הישראלי השני בחלל

       المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • المزيد من المقالات • 

יומן המסע של איתן סטיבה ● יומן המסע של איתן סטיבה ● יומן המסע של איתן סטיבה ● יומן המסע של איתן סטיבה ● 

יומן המסע של איתן סטיבה ● יומן המסע של איתן סטיבה ● יומן המסע של איתן סטיבה ● יומן המסע של איתן סטיבה ● 

יומן המסע של איתן סטיבה ● יומן המסע של איתן סטיבה ● יומן המסע של איתן סטיבה ● יומן המסע של איתן סטיבה ● 

10—03—2021

תחנת החלל הבינלאומית – הבית של האסטרונאוטים טקסט טקסט טקסט 

06—03—2021

תחנת החלל הבינלאומית – הבית של האסטרונאוטים

06—03—2021

תחנת החלל הבינלאומית – הבית של האסטרונאוטים

06—03—2021

תחנת החלל הבינלאומית – הבית של האסטרונאוטים

06—03—2021

תחנת החלל הבינלאומית – הבית של האסטרונאוטים ונאדשדגשגדשכ

06—03—2021

תחנת החלל הבינלאומית – הבית של האסטרונאוטים

bottom of page